السبت، 5 فبراير 2011

جنرالات الفيس بوك




لا يمكن لأحد أن ينكر الدور الذي لعبه الفيس بوك وغيره من وسائل الاتصال الحديثة في تعبئة الجموع، وتكوين رأي عام قوي.
بعيدا عن الإعلام الرسمي المضلل، والذي يستخف بعقل المواطن المصري.
وما زال القائمون عليه يعيشون في خمسينات القرن الماضي.
ولكن الخطأ كل الخطأ، أن نظن أن الفيس بوك هو من يغير.
أو أن هو من ينزع شجرة الباطل من جذورها.
أو أن هو من يجبر الجبابرة على تقديم التنازلات، وترك زمام السلطة لمن يستحقها.
من يفعل كل ما سبق - بعد فضل الله - هو التحرك على أرض الواقع. من قبل أبطال لا يخافون إلا الله، ولا نزكيهم على الله.
هذا ما حدث في تونس الحرة. وهو ما يحدث حاليا في مصرنا الغالية، أعاننا الله على تحريرها.

لم ينتازل الفرعون الغير مبارك عن ثوابته، التي دامت لما يقرب من الثلاثين عاما.
إلا بدماء الأبطال الذين نحتسبهم عند الله من الشهداء.
لم تنكسر أنفه، إلا بصمود الأبطال في ميدان التحرير ضد بلطجية الغير مبارك، أو من يُحسبون عليه.
وسواء كان هو من أرسل البلطجية أم لا. فهو وحده من يتحمل المسئولية.
لو كان يعلم، فهذه كارثة، لأنه أرسل من يقتل شعبه.
وإن كان لا يعلم، فهذه طامة أكبر، ولا تغتفر.
أن رئيس الدولة، لا يعلم أن هناك مئات الخيول والجمال، تحمل البلطجية في قلب القاهرة، ومتوجهة لقتل شعبه.

وفي كلتا الحالتين، فما حدث هو مصداقا لقوله تعالى: "يمكرون ويمكر الله".
فقد أراد الفرعون أن يفرقنا ببعض الأقاويل الساذجة، التي يقوم فيها بتمثيل دور المسكين، ليكسب تعاطف شعبنا الطيب القلب.
واستجاب البعض لخطاب سيادته. وأخذوا يذرفون الدمع.
لكن الله أراد أن يخذيه. ويجعله يضل السبيل هو واتباعه، بإرسال هؤلاء البطلجية لإرهابنا، ولكنها كانت آية لنستفيق.
ونرى عينة مما سيحدث لنا بمجرد العودة لبيوتنا.

ولمن لا يعلم، أنه قبل أن يُلقي الفرعون خطابه المشئوم. والذي لم يُبدي فيه ندمه، على من سقطوا، نتيجة لقمع أجهزته الأمنية.
أن السيد مصطفى الفقي، أحد رجالات الحزب الغير وطني، والذي كان يعمل سكرتيرا لسيادة الفرعون من قبل، قال قبل الخطاب:
"أن خطاب سيادته، سيؤثر في الكثيرين، وسيخلق جبهة متعاطفة تؤثر على مسار الأحداث."
بمعنى أنه سيكون خطابا لشق الصف. وإخراج من سينخدعون، خارج المعادلة.
لينفرد سيادة الفرعون بعدد أقل. ولكن الله خيب ظنهم أجمعين، ومازلنا بالملايين.

وبعد الخطاب، ظهرت طائفة جنرالات الفيس بوك.
وتشعر أنك تتحدث إلى كبار رجال الدين، وكبار رجال الاقتصاد والسياسة.
رغم أنهم لا يدركون، أنهم يرددون كلام وسائل الإعلام المصري المزور – أخزاه الله – دون تفكر أو تدبر.
ليس هذا فحسب. بل أخذوا يتهمون من ضحوا بأرواحهم من أجل حرية الوطن، بأنهم عملاء؟؟؟
وأن كل من وقفوا ويقفون في ميدان التحرير، هم من المدربين في الخارج؟؟؟
والاتهام الأخير، أن هناك الآلاف من المندسين بين المتظاهرين، ممن تلقوا تدريبا بالخارج !!!
إن صح هذا الكلام. فكيف نثق في سيادة رئيس المخابرات، والذي هو نائب الرئيس حاليا؟
كيف لسيادته أن يقود مرحلة انتقالية، أو نصدق وعوده.
وقد تسرب إلى مصر كل هذا العدد من العملاء؟
بل وتمكنوا من قلب البلد رأسا على عقب. وسيادته لا يدري؟

ثم قال مجلس جنرالات الفيس بوك.
لنعط فرصة للوزارة الجديدة لتعمل وتنفذ؟
وهذا والله هو عجب العجاب. ولننظر لبعض مواقف هذه الحكومة، التي من المفترض أنها ستنقلنا لعهد الحريات.
كان الشباب يُقتلون بالرصاص الحي من قبل القناصة، طوال ليلة وضحاها في ميدان التحرير.
وسقط عشرة قتلى، وأكثر من ألفين جريحا. اعترفت بهم وزارة الصحة.
ثم خرج سيادة رئيس الوزراء، ليعتذر عن مقتل وجرح هذا العدد الضخم. وأكد أنه سيتم التحقيق فيما يحدث.
من يصدق مثل هذا الكلام؟
أين كان سيادة رئيس الوزارء ليوم كامل أو يزيد؟
كانت الدنيا كلها تعلم أن شبابنا يُقتل. والكل يصرخ، على الأرض، ومن خلال الفضائيات، وفي كل مكان، ويستنجدون بالجيش.
سيادته انتظر حتى الصباح، ليقول سيتم التحقيق؟؟؟
ثم أين هي نتائج هذا التحقيق؟؟؟ هل من قاموا بالهجوم من المجانين المعتادين؟؟؟

القرار الثان: منع بعض رموز النظام من السفر وتجميد أرصدتهم.
ثم نجد السيد رشيد وزير الصناعة، وهو من بين الممنوعين، متواجدا في دبي.
ويقول أنه  خرج بعلم المسئولين في مصر.
وأنه لا يعلم أي شيء عن منعه من السفر أو تجميد أرصدته، إلا من خلال وسائل الإعلام !!!.
بالإضافة أن قرار المنع من السفر وتجميد الأرصدة، لا يمثل أي إدانة قانونية.

هل بعد هذا نقول أن هذه الحكومة هي التي ستنقلنا إلى الحرية؟
حكومة من نفس الوجوه، ونفس الوزراء، تحت قيادة نفس الفرعون. وتستخدم نفس أساليب التضلليل.
هل هذه هي الحكومة التي ستنقلنا إلى الحرية؟
هل مجلس الشعب المُزور، المطعون في معظم عضوياته. والمكون بنسبة 99% من الحزب الغير وطني.
هل هؤلاء هم من سيناقشون تعديل الدستور؟
أليس هذا ما يسمى، "سلموا القط مفتاح الكرار !!!".

نعود لجنرالات الفيس بوك.
والذين لا يكتفون فقط بالصمت، والذي يعتبر فضيلة في كثير من الأحيان.
بل عادوا ليكيلون الاتهامات للجميع.
هذا خائن، وهذا تافه، وهذا سيفسد البلد، وهذا لا يفقه شيئا.
حتى بلغ الأمر إلى إن أحد هؤلاء الجنرالات، قال لأحد مساعديه. بينما كنت أتناقش معهما بالحسنى.
"ألم أخبرك، إنهم لا يفهمون؟"
ثم استجاب أحد الجنرالات، وهو أحد أكبر علماء الفيس بوك بالدين.
وقال: "إن مصر تحيا في فتنة"
فسألت سيادته: هل تعلم معنى كلمة فتنة؟
فأجاب: "أنت من الإخوان المسلمين؟"
وهنا تذكرت قول الإمام بن حزم: "هذا كلام لا يرد عليه".

ثم سؤال لكل من يردد أن الإخوان هم أصحاب هذه الثورة. - رغم أن في وصف الثورة أنها ثورة الإخوان فيه إهانة لمصر كلها، كما عبر عن ذلك الإعلامي حمدي قنديل -.

نسأل: كيف يتسنى لكم التعرف على الإخوان المسلمين في الميادين؟؟؟
أنا لا أنكر وجود الإخوان. فهم جزء من هذا الشعب. لكن كيف تتعرفون عليهم؟
أحد المخبرين المنتشرين على الفيس بوك، قال:
"لقد ذهبت إلى ميدان التحرير، وكانوا كلهم من الإخوان. وإما أن تكون معهم، أو ضدهم. وحسبنا الله ونعم الوكيل."
وهنا نسأل: كيف نعرف أن هذا الشخص من الإخوان؟
لو قال سيادة المخبر، أنهم كانوا من السلفيين، لفهمت هذا.
فالسلفيون لهم هيئة معينة. اللحية الطويلة، والمصحف، والسواك، وغالبا يرتدون الجلباب.
لو قال من النصاري. لقلنا أنه قد رأى الصليب.
لكن كيف يتعرفون على أنهم من الإخوان؟
فهم لا يلتزمون بشكل معين. بعضم ملتحى، والبعض لا. وملابسهم مثل الغالبية من شعب مصر.
فكيف نتعرف أنهم من الإخوان؟
هل هناك تسفيه للعقول أكثر من هذا؟

ثم جاءت أنباء مؤكدة من ميدان التحرير، لأحد جنرالات الفيس بوك.
تقول، أن كل من يقفون في الميدان من "المبرشمين" – أي ممن يتعاطون المخدرات -، وشكلهم عجيب.
وهنا ضحكت بشدة، وتساءلت:
ما هو الشكل الذي نتخيله لأناس. لم يأكلوا، ولم يشربوا، ولم يغتسلوا، ولم يناموا، ويتعرضون لكل أشكال الترويع، لأكثر من عشرة أيام؟
هل وصلنا إلى هذا الحد من عدم التمييز؟

ثم صدر خبر عاجل عن التلفزيون المصري. بأن حركة شباب 25 يناير، ينسحبون من ميدان التحرير.
وأرسل لي أحدهم هذا التسجيل. فوجدته تسجيلا صوتيا، لكائن حي، يتحدث بصفته من حركة شباب 25 يناير.
وبما أن الإعلام المصري يعاني من حالة عته رسمية. فهم لا يعلمون أنه لا يوجد ما يسمى بحركة شباب 25 يناير !!!
ثم السؤال لكل ذي عقل.
لو كان الشباب ينسحبون من الميدان، وهم بالآلاف – على حد تعبير التلفزيون المصري -.
لماذا لم يتوجه التليفزيون المصري العريق، لتصويرهم؟؟؟

ثم تحول المسار بجنرالات الفيس بوك، إلى المنعطف الاقتصادي.
وأخذوا يلطمون الخدود على البلد التي خربت. والاقتصاد الذي انهار.
لا يوجد من يريد أن تتعرض مصرنا الحبيبة لأي مكروه. ولكن هذا رد فعل مؤقت.
ويحدث في أي مكان. ثم يعود الاقتصاد ليتعافى. وسنشعر بهذا التعافي هذه المرة، لأننا سنحصل على حقوقنا.

ويصبح دخل الدولة موجها لمصلحة الشعب. وليس لمصلحة الفرعون وحاشيته.
وكان سيحدث مثل هذا الانهيار وأكثر، لو قامت الفتنة التي كان يعدها النظام بين المسلمين والنصارى.

ولماذا لم نرى خسارة 3 مليار دولار سنويا، في بيع الغاز للكيان الصهيوني؟

ثم من المسئول عن هذا؟ من يخرب البلد؟
الشباب الذي يُذبح، وهم ملتزمون بسلمية المظاهرات، والتعبير عن مطالبهم.
أم هذا الفرعون المتمسك بالكرسي، ولا يريد أن يغادر؟
هل نحن من نخرب، أم هذا الفرعون الذي يمكر بنا، ورخصت دماء المصريين في عينيه؟
لماذا لم يفعل مثل الملك فاروق؟
لكننا لا ننتظر هذا الفعل الشريف من فرعون، يظن أنه أصبح إلها.

نقول لجنرالات الفيس بوك.
أنتم لا تحبون مصر أكثر من الذي خرج وتلقى الرصاص وفارق الحياة من أجل حرية هذا الوطن.
أنتم لستم مثل هؤلاء الذين يقفون في الميدان بدون مأكل أو مشرب أو ملبس.
أنتم لا تفهمون في الدين مثل الشيخ القرضاوي، والشيخ محمد حسان، والشيخ وجدي غنيم، والمتحدث الرسمي باسم الأزهر – والذي قدم استقالته وانضم للشباب في التحرير، حتى يرحل الطاغية -، وغيرهم من أهل العلم.

إن الفرعون وجنوده، يلعبون معنا على عنصر الأمان.
وهو العنصر الأهم بالنسبة للطبقة الوسطى. التي تسعى للاستقرار ولا شيء غيره.
هؤلاء الذين عندما لا يجدون المأكل والمشرب. يصرخون ويرتعدون ويلطمون الخدود.
ونذكركم بالمقولة التالية، لبنجامين فرانكلين:
"هؤلاء الذين يرغبون في التضحية بالحرية، من أجل الحصول على الأمان. سينتهي بهم الأمر إلى عدم الحصول على أي منهما."

ونتساءل، ماذا لو خضنا حربا ضد الكيان الصهيوني؟
هل سنقول لا للجهاد؟ ولا لتحرير الأقصى وإنقاذ إخواننا وأهلنا في فلسطين؟
من سنلوم في هذه الحالة؟

ونعود لنسأل: هل نحقق أي نتائج على الأرض، إلا بصمود هؤلاء الأبطال، حفظهم الله ونصرهم؟
هل كان الفرعون ليجبر "الننوس" ابنه على الاستقالة من الحزب الغير وطني، هو وصفوت الغير شريف؟
إلا بصمود الأبطال، وبعد المظاهرة المليونية بالأمس الجمعة - الرابع من فبراير -.

ثم أين كنتم يا جنرالات؟
عندما كانت مصر تشتعل وتنهار بحوادث القطارات، وغرق العبارات، وري الأراضي الزراعية بمياه الصرف الصحي؟
أين كنتم والنساء يتعرضن للتحرش في الشوارع؟
أين كنتم عندما كانت الفتنة بين المسلمين والنصاري تتأجج؟
وإن كنتم تحدثتم وقتها، ونددتم بالأحداث.
فكيف في وجهة نظركم يمكننا الخروج من هذا الظلم؟
وأذكر لكم اقتراح بعض الجنرالات. وهو الرجوع للبيوت، والانتظار. وإن لم يُنفذ الذئب وأعوانه الوعود.
سنعود ونخرج مرة أخرى في المظاهرات.

هل نرجع لبيوتنا، حتى يستفرد بنا الفرعون.
والله لو حدث لانتقم الفرعون الغير مبارك من الشباب، وذبح منا ما لا يعد ولا يحصى.
بل سيعاقب الشعب بأكمله. من شارك ومن لم يشارك. لن يرحم أحدا.
وها قد رأيتم الجانب المظلم من سيادته، وبلطجية سيادته.
رأيتم انسحاب الشرطة لترويعنا، ونشر المجرمين ورجال الأمن على شكل بلطجية.
يلقون علينا القنابل الحارقة، ويقتلوننا بالرصاص الحي.
وكان هذا على مرأى ومسمع من العالم كله. فما بالكم إذا دخلنا جحورنا؟؟؟

ثم وجه جنرالات الفيس بوك أكبر إهانة لمصر نفسها.
وهي أن الفرعون الغير مبارك، هو صمام الأمان.
بل بلغني أن أحد المنتفعين من النظام الفاسد، قال: يجب أن نذهب ونقدم الاعتذار للفرعون. بل قال، ونقبل قدمه.
ولسان حال جميع الجنرالات. لا أمان في مصر ولا استقرار بغير الفرعون.
ونسأل كل صاحب عقل:
ماذا لو كان الفرعون مات قبل يوم 25 يناير؟؟؟ هل كانت مصر ستنهار؟؟؟
هل كنا سنجلس كالولايا، ولا حائط يظلل علينا؟؟؟

ما الحل أيها الجنرالات؟؟؟
هل نجلس ونعطي زمام الأمور للنظام الفاسد، وننتظر منهم أن يصلحوا؟؟؟
أم نصبر صبر ساعة. ونعلم أن هذا ابتلاء من الله.
والله لا يعطي الحرية والكرامة، إلا لمن يسعى لها، ويضحي في سبيلها.
السماء لا تمطر ذهبا ولا فضة يا جنرالات.
وما نيل المطالب بالتمني، ولكن تؤخذ الدنيا غلابا.

وإن كان هناك من يخرب مصر، فهو الفرعون وجنوده.
فلا تكونوا كما قال الله تعالى عن فرعون وقومه: "فَاسْتَخَفَّ قَوْمَهُ فَأَطَاعُوهُ إِنَّهُمْ كَانُوا قَوْماً فَاسِقِينَ (54) فَلَمَّا آسَفُونَا انتَقَمْنَا مِنْهُمْ فَأَغْرَقْنَاهُمْ أَجْمَعِينَ (55) فَجَعَلْنَاهُمْ سَلَفاً وَمَثَلاً لِلْآخِرِينَ (56)" من سورة الزخرف.
"فاستخف قومه فأطاعوه": أي استخف عقولهم، فدعاهم إلى الضلالة، فاستجابوا له.
وهل هناك ضلال أكثر من ترك دماء الأحرار تضيع سدى؟ وهل هناك ضلال أكثر من استئمان الخائن، وتصديق الكاذب؟


وسؤال أخير لكل من له قلب.
هل كان موقفك سيظل كما هو، بالتوقف عن المطالبة بحريتنا وحقوقنا.
إن كان لك أخ أو قريب، سقط في هذه الثورة المباركة؟ أم كنت ستطالب بالقصاص وعدم إهدار دمه؟
حقا، من لا يحترم دماء الأحرار، لا يستحق أن ينال الحرية، ولا يجب أن يُسمع له صوتا.

حفظ الله مصرنا، وحفظ أهلها الشرفاء، وحفظ أبطالنا وأحرارنا.
وتقبل كل من سقطوا في هذه الثورة من الشهداء.
وأرانا الحق حقا، ورزقنا اتباعه، وأرانا الباطل باطلا، ورزقنا اجتنابه.

كن إيجابيا، وانشر اكرمك الله...دع الناس يروا الحقيقة...

بقلم: عدنان القماش.
5 فبراير 2011

**********تابعونا على مدونة: المواطن المستقيل

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

al_real_king@yahoo.com