السبت، 26 مايو 2012

افيقوا أو موتوا






ما بال ثوار يعشقون جلد الذات وإلقاء أسباب خسارتهم على غيرهم.
أشعر وكأنكم تلومون البسيط على بساطته، والجاهل على جهله، أفيقوا يرحكمكم الله.
ضُربنا ضربة قوية، أعلم هذا. لكن جزء منها تعود أسبابه لنا، فبينما نسخر من عكاشة ونضحك.
كانت كلماته - التي كان يستقيها من أجهزة أمن النظام السابق- تزحف في جسد المساكين والفقراء وقليلي العلم.

ماذا فعلتم بشكل عام لصد الهجمة الإعلامية على الثورة والثوار؟
من منكم ذهب ليجلس مع إنسان بسيط ليحاول إقناعه بعكس المنطق الفاسد الذي زرعوه في عقله.
تلك الأفكار التي لا تصمد أمام مناقشة موضوعية بلغة بسيطة تشعره بالاحترام.

أختى على سبيل المثال، رأت الكثير من الباعة المساكين في الأسواق يلهثون بذكر اسم أحمد شفيق.
وكانت تستطيع إقناعهم بأسلوب سلس بسيط، تقول جملة بسيطة: "دم الشباب في رقابكم"
ولتعلموا مدى سذاجة وعي بضعهم وعدم علمهم.
سألت سيدة عجوز: وما علاقة شفيق بدم الشباب؟
أجابت أختي: لقد كان رئيسا للوزراء عندما قُتلوا.
قالت المرأة متعجبة: وهل كان في الحكم وقتها؟؟؟
يا سادة هؤلاء مساكين، جهلاء ربما، لكنهم ليسوا أغبياء. لديهم قلوب تنبض عندما يصلها الحق.
قالت المرأة: حسنا لن أذهب للانتخابات من الاساس.
قد تعجب من موقفها، لكنها لا ترى في الثوار من يخاطب عقلها وقلبها.

ثم بالله عليكم، إذا كانت الدنيا من حولك مثالية، فما سر ثورتك؟
وهل يطغي الطاغية إلا بضعف النفوس، وجهل البسطاء الذين يبحثون عن لقمة العيش.

من منكم شعر بالجوع الذي عض أسرة بأكملها، نتيجة للتجويع المتعمد من قبل النظام الفاسد، والذي مازال يعمل بكل قوة ضد ثورتنا.

أذكر أن أحد سائقي سيارات الأجرة. أخبرني أن نصيبه من المد الأول للثورة، أنه جلس ما يقرب من الشهر في بيته بدون عمل.
بعد أن سحب صاحب السيارة سيارته. فقد كان يخشى صاحبها على سرقتها أو تعرضها للتكسير.
ويستمر الرجل ويحكي بسعادة عن تضحيته، بأنه بعد أن أنفق كل مدخراته البسيطة. أضطر أن يذهب لاحد أماكن توزيع الجرائد.
وطلب من بعض معارفه المساعدة بالحصول على بعض الجرائد ليقوم ببيعها، مقابل مكسب بسيط عن كل جريدة.
ويضحك بكل رضا وهو يقول ان اليوم كان ينتهى، وقد أكرمه الله بمبلغ طيب، يساعده في شراء قوت يوم أولاده.
من منكم أيها الثوار فعل مثل هذا الرجل، والذي لم يتململ لمجرد أنه وقف لبضع دقائق أوساعات في طابور انتخابي؟
نعم هو لم يشارك في مظاهرات التحرير، لكنه وقف لسد جوع صغاره، وقلبه كان معكم.
من أجل ماذا سنترك هذا الرجل الطيب لنظام فاسد يأكله حيا. ألا يكفي ما خسره من حياته؟
على الأقل أعطوه الأمل، بأن أولاده في المستقبل سيحيون حياة أفضل.

ثم لماذا لا ننظر لتجربتنا نحن الثوار، ونرى أننا أصبحنا على قدر غير طبيعي من العناد والمكابرة، وكأننا نلعب في مباراة، ولا نتحدث عن مستقبل وطن.
وذهبنا لننتخب وكأننا في سويسرا، ولسنا في دولة يحيا أكثر من نصف أهلها تحت خطي الفقر والجهل.

لماذا لا نرى أننا قتلنا أنفسنا بعدم اتحاد أبو الفتوح مع حمدين؟
لماذا لا ترون الأنانية وعدم الفهم في كليهما، كما ترونها في هؤلاء البسطاء الذين صوتوا لشفيق؟

كذلك لماذا لا ترون في أنفسكم العناد الكافي، ورفض فكرة التنازل عن رأيكم في المرشح الذي ترونه الأنسب، من أجل تصويت استراتيجي.
كل الاحصائيات كانت تسير في ركب أبو الفتوح، ولكن أصر الكثيرون على حمدين.
حقق حمدين نتيجة أفضل، لكنه خسر وخسر معه أبو الفتوح.
وأزعم أن الكثير من الثوار، لو كانوا يعلمون أن كفة حمدين أرجح، لذهبوا لانتخاب حمدين.
فلماذا نستمر في تبادل اللوم، فقد أخطأ الطرفان.

أما أن أرى إنسانا مثقفا يصف من انتخب حمدين بالفهم، وكل من دون ذلك فهو جاهل ومن السفهاء، فهذه والله نهاية كل ثورة ونهاية كل أمل.

فلنفكر بحكمة، نحن قوة، قوة هائلة. لنتحد ونساوم الطرف الأخف ضررا - كما يرى البعض -، ونصل لمكاسب ثورية وسياسية.
ماذا نريد أكثر من ضمان أن يُحاكم مبارك وعصابته؟
ماذا نريد أكثر من ضمان عدم الانفراد بالسلطة؟
ماذا نريد أكثر من وجود الثوريين الوطنين في الصفوف الأولى في رفعة مصر مثل حمدين وأبو الفتوح وخالد على؟
وكما قلنا لحمدين وأبو الفتوح، اتحدوا أو موتوا.


أقولها لكم، افيقوا أو موتوا !!!


افيقوا يرحكم الله، الثورة مستمرة، وأول من سنثور عليه هو أنفسنا، وأنانيتنا.
مصر فوق الجميع، مصر فوق الجميع، مصر فوق الجميع.


********
عدنان القماش

26 مايو 2012

المواطن المستقيل (سابقا)
http://resignedcitizen.blogspot.com