الأحد، 25 نوفمبر 2012

أما آن الأوان لنخشع؟

كتبت هذا المقال منذ أشهر، ثم أمتنعت عن نشره لحزني على مشهد الوطن، وشعورى بعدم جدوى الكلام. ها و قد بدأت تسيل دماء ابناء الوطن بأيدينا، أنشر هذا المقال، لعله يجد قلوب صاغية.
اللهم إني استودعك وطني الذي وهبتني حبه، فأحفظه لي يا أرحم الراحمين.



أحلم بتلك اللحظة التي يسير فيها والابتسامة على وجهه ممزوجة بدمعة رقراقة، ينظر من حوله لمصر الشامخة ويقول: لم يذهب دم أبي هباء !!!

الإخوة المتشاكسون فوق أرض الوطن الحبيب.
أما آن الأوان لنخشع قليلا، وننصت لتلك الأحلام التي تطوف حولنا، ونبصر بنور قلوبنا الآنات التي تموت دونما سبيل لتخفيفها.
هل من سبيل لتتوقف أفواهنا عن مضغ الكلام ليل نهار؟
تاركة أمواج الحياة تتلاطم، ما بين دمعة أم تبكي صغيرها المريض الذي لا تجد مكانا لعلاجه.
وأب يدور مع طواحين الدنيا، حتى يعود في نهاية يومه متعبا بقلب كسير، يحمل لقيمات حصل عليها بذله قبل عرقه.
أما آن الأوان لنرى أنفسنا كصغار أنانيين، يتشبث كل منا برأيه وكأنه وحي يوحى. 
وتحركنا الكراهية ضد الآخر، سواء أصاب الآخر أو أخطأ.

عامل بسيط، يبدو أبيا رغم تواضع ملابسه. 
عاد حزينا بعد أن فشل في الحصول على أداة يتمم بها عمله، تركه صاحب المحل ينتظر طويلا، ثم عامله بطريقه لا تنم عن الثقة في شخص هذا العامل الأبيّ، فغادر العامل المكان مغاضبا.
هذا العامل يكد ويكدح منذ الصباح إلى المساء في عمل صعب كله شقاء، وينتهى يومه بجنيهات قليلة.
يعمل طوال أيامه على صنع الرفاهية لغيره، ولا يحصل إلا على معانقة عينيه لهذه الرفاهية التي تغنيه عن الأحلام.
حكى لي هذا العامل عن قدر البكاء المرير الذي بكاه، عندما وضع قدميه أول مرة في ميدان التحرير. 
وكيف انطلقت من داخله آنات أيام وسنين من القهر والشقاء، فظل يبكي في الميدان كالطفل الصغير. 
يبكى أياما جاع فيها واقفا أثناء العمل في صغره، وتحسست روحه تلك اليد القاسية التي كانت تبطش به لتعلمه فنون المهنة بالضرب والسب. وكيف كان يتم معاقبته بشدة، لكي لا يكرر الخطأ؟
وتطوف آلامه مرافقة قلقه بين تلك الأكمنة الأمنية، التي تستوقفهم في طريق العودة إلى البيت في أوقات متأخرة بعد السهر طويلا في العمل.
ترك هذا العامل البسيط عالمنا الذي نفرشه بعبارات فلسفية لا نفقه معظمها، وديباجات طويلة نتحدث بمضمونها قبل أن نستكمل قراءتها.
تركنا لنحيا في وهم المعرفة والثقافة. وذهب ليغيب مع ضجيج طواحين الحياة القاسية من جديد. 
ولم يحمل من ثورته زادا، غير تلك اللحظات التي حلم فيها بعالم أفضل، ورأى صرخاته تحقق الحلم، وتُسقط أبراج الظلم والطغيان.

أما آن لنا أن نخشع قليلا، ونعمل لصالح هذا الوطن الذي يئن.
ألا ترون أطفالا في الطرقات كالكلاب والقطط الضالة، لا تجد مكانا يأويها ولا تجد فتات الطعام الذي يقيم صلبها، بينما نحمل صغارنا بكل حب وحنان.
وما أن تتوقف لتعطي أحد هؤلاء المشردين مالا أو قطعة حلوى، تجدهم يلتفون من حولك، وكأنهم النمل خرج من بين الشقوق. 
تتعجب لكثرة عددهم وهم يزحفون نحوك بملابس الأكفان أنظف منها.

أما مللتم تلك الدموع التي تنسكب كالأنهار حزنا على إخوة لنا في سوريا ومن قبلهم فلسطين والعراق وأفغانستان...وتطول القائمة. 
يُقتلون ويُذبحون ولا نملك غير الدعاء، لا ننكر ما للدعاء من مكانة وفضل، ولكن ألا تتمنون أن نصبح يوما أسيادا ندافع عن إخواننا بسواعدنا؟


بعد الثورة عاد إلى البيت بملابس ممزقة. ظنوا أنه تشاجر مع بعض الفوضاويين والبلطجية.
اكتشفوا أنه وقف لينظم المرور في منطقة تركها المجند المسئول، فتداخلت السيارات وتعطل السير، فوقف صاحبنا لينظم حركة السير.
ولأن الكثيرين منا مازالوا يظنون أنهم أصحاب الحق حتى عند قيادة السيارة، كاد أحدهم أن يدهسه ولكن الله لطف به، فقط اشتبكت السيارة بملابسه ومزقتها.

وهكذا أصبحت أرى البعض يفعل. يقف غيره لينظم ويصلح منظومة في شدة الفساد والتعقيد. ولا يهتم صاحبنا بغير نفسه، حتى وإن دهس من يحاول الإصلاح.

ومازال البعض يظن أن من يرونه القائد، هو وحده المخلص الحكيم، ومن دونه سيضيع الوطن. 
كادت الثورة أن تفقد كل إنجازتها، فماذا فعلنا؟
مهرجان براءة لقتلة الثوار.
جهاز شرطة خرب، يحتاج إلى إعادة بناء.
وجهاز قضاء في معظمه كالعزبة، والشعار هو القضاء النزية !
ومن قبلها إعلان غير دستوري مكبل أصدره العسكر، أعلنوه مساء يوم إعلان نتائج انتخابات الرئاسة، ولم ننبث ببنت شفة، إلا من رحم ربي. 
مجلس شعب هُدم، ولم نحرك ساكنا.
جمعية تأسيسة يمكن حلها، ومجلس شورى مهدد، ولا نهتم. 
وإعلاميون مزيفون يأكلون عقول البسطاء بكذب صريح، وأطلقوا العنان للسب الصريح واللعن البين. 
وما زلنا لا نفعل غير الشماتة فيمن نعتبره خصما ! 
ونخوض نفس المعركة المرة تلو الأخرى، ولا نتعلم أننا سنخرج جميعا خاسرين. 

ماذا فعلت غير الجلوس خلف شاشة صندوق الدنيا، تمسك سيفك الخشبي وتسب هذا وتلعن ذاك.
كم من فقير زرت، وكم من محتاج ساعدت؟
كم جمعية  خيرية ساهمت في أنشطتها؟
كم من جاهل حاولت  أن تُعلم؟
كم حزب سياسي زرت لتتعرف على برنامجه وأهدافه؟


بل هل ساعدت نفسك في الأساس؟
لما يقرب من عامين، كم كتاب قرأت؟
كيف تفكر وتطلق الأحكام وأنت لا تعرف يمينك من يسارك في مجالات العلوم والثقافة؟

لن يسمو الوطن إلا بالعمل من قبل من يعلمون ما يفعلون، ويتحركون بنور العلم، وحماس الشباب، وأمل الثوار.
لن تتغير الحقائق إلا بالعمل الفاعل على أرض الواقع. العمل بين الناس الذين دأبنا على وصفهم بالجهل والتخلف، دون أدنى محاولة للتعرف عليهم وعلى أحوالهم.

وختاما:
"أولئك الذين يدعون الناس للحرية ثم لا يحترمون نتائجها، هم قوم كاذبون !"

أما آن الأوان لنخشع؟
بقلم: عدنان القماش
تاريخ النشر: 25 نوفمبر 2012
تاريخ الكتابة: اغسطس 2012 
مدونة المواطن المستقيل (سابقا)
http://resignedcitizen.blogspot.com

الجمعة، 23 نوفمبر 2012

التعصب


أحلى حاجة في اللي بيحصل في مصر...أننا وقفنا الدوري، لكن لسه شغاليين تشجيع.
 المصري هيفضل مصري...النيل رواه والتعصب جواه - إلا من رحم ربي -.
 من برنامج الثورة في الملعب...
 ***
 مخاميخ: عدنان القماش.
23 نوفمبر 2012

الأحد، 18 نوفمبر 2012

بيب بيب والقطارات


- في الماضي، كنت أفضل ركوب القطارات، هذا بالطبع قبل أن تصبح القطارات وسيلة مواصلات إلي الآخرة.
 شرد العمدة ببصره، قبل أن يقول بنبرة حزينة:
 - لديك كل الحق يا أستاذ. الله ينتقم منهم الإنجليز، هم السبب في كل ما يحدث لنا الآن. يجلبون إلينا الشئ، ويتركوه يقتل خلق الله هكذا.
 التفت نحونا متحمسا، سألنا:
 - ألا تظنون أنه ينبغي أن تصدر فتوى بتحريم ركوب القطارات، لكون ذلك يعد انتحارا؟.
 لم يجبه أحد....!!!
 ***
مقطع من رواية "بيب بيب"...الملحمة التاريخية للمواصلات المصرية
 كتبتها قبل أكثر من أربعة أعوام، كنت أسخر...لكن يبدو أن هذا سيكون الحال !
 لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم

http://3akawes.blogspot.com/
 عدنان القماش
18 نوفمبر 2012