الأحد، 24 يونيو 2012

الثورة مستمرة - 24 يونيو 2012



مبروك لشعب مصر الوصول إلى محطة أول رئيس منتخب، حتى ولو كان منزوع الصلاحيات، ندعو الله أن يغنيه من فضله.

اليوم خطت الثورة خطوة جديدة، وقامت بهدم جسر كان يسعى النظام السابق لعبوره.

بدا اليوم غريبا متوترا، لكني قررت حضور هذه اللحظة التاريخية في قلب ميدان التحرير، وكذلك للشد من أزر الثوار، فأنتم تعلمون أن طنطاوي يخشى تواجدي في الميدان بشكل كبير.
ركبت القطار عائدا إلى القاهرة.
وأسعدني الحظ أن كان إلى جواري أحد القضاة الذين يعملون على قضايا الفساد الحالية، وكان كل خمس دقائق تأتيه مكالمة ليطمئنوا عليه ومتابعة خط سيرة.

وتحدثنا كثيرا، وطبعا أفشى لي نصف أسرار الدولة. وأظنه أعتبرني ابنه الصغير، فقررت ألا أخونه ولن أخبركم بهذه الأسرار. لكن من هذه الأسرار التي قررت أن أخفيها، أن سيادة الشفيق سيتم شفشقته قريبا.

عندما أقتربنا من القاهرة، جاءت مكالمة تخبره بأنه من الأفضل العودة، لأن الأجواء متوترة. ثم عادوا وطلبوا منه الاستمرار في رحلته.
ثم اخبروه أنه تم ترحيل جميع العاملين بوزارة العدل، وأحاطت بها قوات الأمن بكثافة.
ضحك وهو يقول: يبدو أنهم سيعلنون فوز شفيق.
وتنامى إلى علمي بعد ذلك، أن كثير من أماكن العمل، تم صرف الموظفين منها، خشية أن تشتعل الأحداث.

تصافحنا وتركته ينطلق لملاقاة الحراسة التي حضرت لمرافقته، وتوجهت إلى محطة المترو.
وعندما نتحدث عن محطة مترو رمسيس،فنحن نتحدث عن نموذج مصغر من يوم الحشر، لكن هيهات، كانت المحطة شبة خالية.
ركبت المترو، هبطت إلى محطة التحرير، فوجدتها شبة خالية على غير العادة. حسبت أني سأكون وحيدا. لكن ما أن صعدت، حتى تغير المشهد، وكأنني خرجت إلى حلبة المصارعة في زمن الرومان.
هتافات حماسية وأناس لا تفت الشمس في عضدهم.
لكن التوتر الشديد والقلق لا يخفيان على أحد، والجميع ينتظر إعلان النتيجة في ترقب.

وأكثر ما يلفت الانتباه هو التواجد الشبابي القوي. والذي يمثل أغلب من في الميدان. والملاحظ كذلك التنوع والاختلاف بينهم، فلا تخطئ عيناك الشباب الملتحي ولا تخطئ كذلك الشباب صاحب الشعر الروش.

وكان من بين الحضور من يتمنى من كل قلبه نجاح الدكتور مرسي، لكن الكل يتفق على أمنية سقوط الفريق شفيق.
طال الوقت والشمس تلهب الأجساد والرؤوس، لكن كان هناك من يمر لينعشنا برذاذ الماء.
صلينا العصر، واقتربت لحظة الحسم. جاء الخطاب الطويل من اللجنة العليا، والذي كان يذاع على المنصة، ومرت الثوان كالساعات، ومل الناس من التفاصيل، فبدأو يتبادلون النكات حول الثمانية أصوات التي أضيفت إلى هذا المرشح، والسبع أصوات التي أضيفت إلى ذاك.
ثم بدأ المستشار فاروق سلطان بإعلان نتيجة السيد شفيق أولا. وما أن نطق النسبة التي حصل عليها، حتى انفجر الميدان في فرحة عارمة.

هلل الجميع وهتفوا: الله أكبر.
انطلقت الألعاب النارية، احتضن الناس بعضهم بعضا، من تعرفه ومن لا تعرفه، بكى البعض من شدة الفرح والتوتر. والأهم أنه تم إغراق كل من في الميدان بكميات كبيرة من الماء، تعبيرا عن الفرح والابتهاج، شعرت وقتها بأني فزت بأحد سباقات الفورميولا .
وتوحد الميدان على هتاف، "ثوار أحرار هنكمل المشوار”.
ثم تم قراءة بيان من الدكتور مرسي على المنصة الرئيسية.

الوعي كان واضحا بأن المعركة ليست الوصول بالدكتور مرسي لكرسي الرئاسة، ولكن الهدف هو الوصول لمرحلة تسلم السلطة من النظام السابق، وما سيأتي معها من مواجهة مع المجلس العسكري.

بعدها تجولت في الميدان، وكنت أشعر بدوار من الشمس، ومازلت حتى لحظة كتابة هذه السطور، اشعر بإرهاق. وقد ظهر في الميدان عدة حالات إغماء، ساعد في ازديادها الزحام.
وبينما الشباب يهتفون للثورة ويهتفون ضد حكم العسكر، جاءت سيدة من سكان المناطق الشعبية، وقامت بتكسير عدد من "القلل" احتفالا بزوال الفلول .

خرجت بعدها من الميدان بحثا عن الماء والهواء، فرأيت الاجواء وكأننا فزنا بكأس العالم.
شباب يعلو أسطح مواصلات النقل العامة، ويرقصون في فرح، والأجمل أن سائقي الحافلات يحتفلون معهم بالإضاءة، واستخدام آلة التنبية.
السيارات تجوب الشوارع رافعة علم مصر. والكثير من الناس يتوافدون على الميدان، من مختلف الشوارع، ويخرجون في أفواج من محطات المترو.
حتى عندما قررت العودة للمنزل، أضطررت للذهاب إلى محطة مترو بعيدة لاتمكن من الهبوط إلى المحطة.حيث أن اللجان المنظمة، كانت تعمل على تنظيم حركة الصعود والهبوط من وإلى المحطة، فكان يجب الانتظار كثيرا.

من الهتافات:
يا مشير قول الحق، مرسي رئيسك ولا لا؟
سامع أم شهيد بتنادي، مرسي هيجيب حق ولادي.
واحد اتنين عكاشة راح فين؟

 وكان كلما حاول أحد الشباب الهتاف ضد شفيق، مثل يا شفيق يا عرة الثورة مستمرة.
كان الناس يطالبونه بالتركيز على الهتاف ضد العسكر والمطالبة باستمرار الثورة.
ثم مررت برجل كبير السن، كان يعبر عن فرحته بجملة يقولها بالفصحى: مرسى طرح شفيق أرضا بقوة.

وقطعا لا يفوتنا الشق الاقتصادي وبورصة الميدان، حيث أنه بمجرد أن تم إعلان فوز الدكتور مرسي، ارتفع سعر الصواريخ والشماريخ، ليصبح ضعف سعرها في أي مكان وزمان آخرين .

حقا هذا يوم من أكثر الأيام التي رأيت فيها السعادة الحقيقية على وجوة أهل بلدي الطيبين، حفظهم الله من كل سوء.

وأرى أنه ستستمر الثورة في الصراع مع العسكر.
أصبح الإخوان في لحظة تاريخية، إن أفلتت من بين يديهم،فلا أظنها ستتكرر.
أصبح على الشباب التوحد لتكوين جبهة ثورية تعبر عنهم، وتكون قوة حقيقية، تراقب أداء الإخوان، ولا تترك لهم الحبل على الغارب، وتنافسهم في المستقبل القريب.

أخيرا وليس آخرا، بعد شكر الله وحمده،
شكرا شباب مصر، شكرا لصعيد مصر والذي حق له منذ اليوم إطلاق النكات على وجة بحري.
شكرا لحركة 6 إبريل، شكرا لشباب ألتراس، شكرا لجماعة الإخوان، شكرا للدعوة السلفية، شكرا للجماعة الإسلامية ودورها الكبير في حشد الناخبين في الصعيد، شكرا لكل من تخطى المشاكل والخلافات، وغلب المصلحة الوطنية.
شكرا لشعب مصر الذي صبر واحتمل كل الممارسات الانتقامية على مدار عام ونصف، لكنه أثبت أنه رغم كل التزييف والكذب والإشاعات، إلا أن وعي هذا الشعب عظيم.
وقطعا لا ننسى توجية شكر خاص لجماعة آساحبي الإرهابية. آساحبي آمجرم.
وأختم بمعنى جميل قاله الأستاذ فهمي الهويدي، فقد رأيت هذا المعنى يتحقق اليوم، فقد نجحت الثورة في تحقيق نتيجة مرضية، ربما لا تمثل أفضل ما تمنينا، ولكنها تخلصت من أسوء ما كان يمكن أن يحدث.
لنتكاتف معا حتى نخرج العسكر من المعادلة، ثم نبدأ في العمل سويا لبناء نظام جديد يكون لكل منا فيه دور يمارسه.


فيديو قمت بتصويره للحظة  إعلان الدكتور مرسي رئيسا لمصر




الثورة مستمرة - 24 يونيو 2012

بقلم: عدنان القماش
24 يونيو 2012
مدونة المواطن المستقيل (سابقا)
http://resignedcitizen.blogspot.com

الأحد، 3 يونيو 2012

ميدان التحرير 2 يونيو 2012




ميدان التحرير 2 يونيو 2012


في طريق العودة من زيارات عائلية خارج القاهرة. 
قررت أسرتنا الكريمة الذهاب إلى ميدان التحرير، للاحتفال مع الشعب بقرطستنا جميعا.
ما أن أقتربنا من باب الخروج إلى الميدان، أنقض علينا فتى طيب، يحمل ثلاثة أكواب بها ألوان. وأخذ يرسم على وجوه ابنائي علم مصر.
وكدت أن أبكي من شدة التأثر بهذه الوطنية والروح الطيبة ومدى تضحية الشاب بوقته ليظهر الثورة وأطفالها بهذا الشكل الأنيق.
وما أن أنتهى، ابتسم قائلا: خمس جنيهات فقط. 
وكانت مفاجأة. فأنا أعلم أن هناك من يقوم بنفس الفعل دون الحصول على مقابل.
وعندما سألته: لماذا لم تخبرنا؟ قال: خليها علينا يا أستاذ. فأعطيته ثلاث جنيهات.


الأجواء عادت للتألق كالعادة، ودبت الروح في ميدان التحرير من جديد، مشهد يبعث الأمل في النفوس . 
وأظهر الشعب الكثير من الوعي، فرغم أن المظاهرات انطلقت إعتراضا على أحكام قضية قتل الثوار. 
وخصوصا بعد أن أثبت القضاء المصري الشامخ على روحه، أن الضحايا كانوا يمثلون أنهم موتى. وأثبت كذلك أن ابناء سيادة الرئيس الرمز ومساعدي شيطان الأنس كانوا كلهم ملائكة أبرياء.
إلا أن جل اهتمام الثوار انصب على سيادة الشفيق. والذي يمثل بوصوله للرئاسة بداية النهاية، حيث ستعود آلة القمع لتعمل بكل قوتها. 
وعند وصول سيادته، سنبارك مقدما للإخوان، حيث أننا نتوقع لهم الحصول على دور القاتل المجهول في مسلسل الثورة المصرية التي سيتغير اسمها إلى الثورة الكوميدية، إذا وصل سيادة الشفيق إلى سدة الحكم.


آلاف الشباب يهتفون ضد العسكر والداخلية والعرة...الذي ما هو إلا الشفيق. وفي هتاف آخر يتم تعريفة بأنه الجزمة.


الحالة العامة عبارة عن غضب عارم. والشباب أصبح يستعمل الهتافات الصريحة في كشف الفضيحة.
وبينما كان الأستاذ عبد الله ابني يريد النوم، فأخذ يبكي ويطالب بالذهاب بعيدا عن هذه الثورة المزدحمة. أظهر السيد عبد الرحمن ابني الأصغر الكثير من  الوطنية، ولعبت الجينات المصرية دورها. فما أن أبتعدنا عن شارع محمد محمود الذي كان يحتشد فيه شباب الألتراس. أخذ عبد الرحمن يبكي لأنه يريد العودة إلى الشعب. هكذا يسميهم، ليصفق معهم. فدائما يهتف "الثعب يُيد استات النثام"


توجهنا بعدها لنصبح أمام مجمع التحرير، وهناك ترى الكثير من الجرافتي والكتابات. وهناك كتابات على الأرضية. مثل: يسقط يسقط حكم الشفشق. وغيرها مما يستلزم تدخل الرقابة لحذفه.
فحصل كل من الأستاذين أقلاما وأخذا يرسمان. وهنا رسم الأخ عبد الله الفاضل، صورة سيادة الشفيق في شيكارة، وفقا لما  ورد في القصيدة العصماء. 
يا إخوة لا تيأسوا، الأجيال القادمة لا حل لها بعون الله.


وبعدها تصادف حضور السيد مدحت، والشهير بالمعلم زلطة. والتقطنا له صورة مع الأستاذ عبد الله.
ثم انطلقت بعض الألعاب النارية في الهواء. 
ورغم روعة الأجواء، لكننا لم نتمكن من المكوث طويلا فانطلقنا إلى البيت. بينما الشباب ينظمون أنفسهم لعمل اللجان الشعبية، لحماية مداخل الميدان.


وأثناء الذهاب إلى المترو للعودة إلى المنزل، كان هناك بعض النسوة في محطة التحرير، يهتفن:
يا شفيق يا  عره...بكره هتطلع بره
يا شفيق يا جزمه...يا اللي مالكش لزمه
ثم يتم تغيير الجملة الأخيرة ببراعة بلاغية لتصبح "بانص برباط": أضربوه بالجزمه ...شفيق ما لوهش لزمه. 



ميدان التحرير 2 يونيو 2012
بقلم: عدنان القماش
resignedcitizen.blogspot.com