مع كامل الاحترام لوجهة النظر التي تقول لا.
وقولهم أن الظروف تختلف عن مارس 1954
إلا أني من أصحاب مدرسة، أن التاريخ يعيد نفسه مرات ومرات. وليس مرة واحدة فقط.
ربما يختلف التاريخ في بعض التفاصيل، وهو يعيد إنتاج نفسه، ولكن تبقى الصورة الإجمالية هي نفسها.
وأرى أن العسكر - في الغالب - على مر التاريخ، هم أخطر التهديدات التي تواجهها الحرية.
سواء كانت تصرفاتهم عن حسن نية، أو عن سوء نية.
كما أني لا أهاجم "لا"، فكلنا نريد دستورا جديدا.
ولكني أرى أن "نعم" هي الأقرب للواقعية - في وجهة نظري المتواضعة -.
وأتمنى أن تتحقق المصلحة لمصر، حتى ولو كانت النتيجة عكس وجهة نظري.
وأنا لا أقول أن الجيش سيسيطر قطعيا، إذا صوتنا بلا، لكن هذا مجرد تحليل للمخاطر.
خطر الإخوان وفلول الحزب الغير وطني، في مقابل خطر سيطرة الجيش مرة أخرى.
وأرى أن الإخوان وفلول الحزب الغير وطني، يمكن مواجهتهم وإسقاطهم.
لكن سيطرة الجيش ستكون كارثة.
ليس خوفا من الجيش، ولكن خوفا على الجيش نفسه، وبالتالي أمن مصر.
لأن الجيش سيتفكك ما بين مؤيد ومعارض، إذا ما حدثت مواجهة مع الشعب.
ثم تصبح مصر مفككة، وهذا خطر لا يحتمل.
وإن كان أصحاب "لا"، يرون أن الخوف من الجيش هو مجرد فزاعة.
فنحن نراهم كذلك يستخدمون الإخوان وفلول الحزب الغير وطني كفزاعة.
خصوصا من طرف الأحزاب الكارتونية.
والذين يتحججون بقصر المدة المتبقية، وكأنهم كانوا متواجدين على الساحة السياسية منذ يومين !!!
بالنسبة لموت دستور 71. فهذا أمر لا جدال فيه.
لكن الاختلاف بيننا، يدور حول نقطة قدرتنا - دون مؤسسات منتخبة - على صنع دستور جديد.
هل يعقل أننا سنناقش موادا دستورية في هذه المدة القصيرة؟
وأنا أرى - ليس على سبيل استخدام الفزاعات - أن مناقشة مادة مثل المادة الثانية حاليا، ستؤدي إلى كارثة.
فكما نرى، فهناك من يصطاد في الماء العكر.
ولو قلنا أن المادة باقية، فأنت في مشكلة.
وإن قلت أن المادة ستحذف، فأنت في مشكلة أكبر.
على سبيل المثال: في ظرف يقوم فيه بعض النصاري بالاعتصام، الذي تحول إلى العنف. ثم لا ينفض الاعتصام، إلا بعد الإفراج عن قس مدان في قضية تزوير؟
دون إعادة فتح القضية والبت فيها.
(ربما يكون هذا الكلام مجرد إشاعة، ولكنها تكفي لإشعال النار على الطرف الآخر. خصوصا أن القس متهم في قضية تزوير شهادة ميلاد فتاة مسلمة، لتتزوج من شاب نصراني)
هل هذه ظروف تسمح بعمل دستور جديد، وتحت مظلة الجيش؟
ولو أفترضنا أن الظروف تسمح، فما هي آلية اختيار اللجنة التأسيسية؟
هل سيختارها الجيش؟ عندها نعود للمربع صفر.
أم هل سننتخبهم؟ هنا سنعود لفزاعة الإخوان وفلول الحزب الوطني.
ولو أفترضنا حسن الظن بالجيش، وأنه لن يستولى على السلطة، عند تصويتنا ب "لا".
فلماذا لا نفترض حسن النية فيه كذلك، وأنه لن يستولى على السلطة لو صوتنا ب"نعم"؟؟؟
وفي النهاية: أرى أن الأمر محير ومربك. وهذه هي متعة الحرية.
وقلتها من قبل: "لا توجد نعم بيضاء، ولا توجد لا سوداء"
كل التحية والاحترام، لمن سيصوت بلا.
وكل التحية والاحترام، لمن سيصوت بنعم.
لكن الأهم، هو التصويت وعدم السلبية، ثم احترام رأي الأغلبية.
وندعوا الله أن يوفق أهل مصر لما فيه خير.
أعتذر للإطالة...الله المستعان...
**********
تابعونا على مدونة: المواطن المستقيل